من نحن
الحديث النبوي بين الرواية والدراية - الصفحة ۸٤
 تحمیل PDF هویة الکتاب الفهرست
«« الصفحة الأولی    « الصفحة السابقة    الجزء:    الصفحة التالیة »    الصفحة الأخیرة»»
اسم الکتاب: الحديث النبوي بين الرواية والدراية    المؤلف: الشيخ جعفر السبحاني    الجزء: ۱    الصفحة: ۸٤   

المثلثة المضمومة، أي خشية الوقوع في الاِثم، والمراد بالاِثم الحاصل من كتمان العلم ودلّ صنيعُ معاذ على أنّه عرف انّ النهي عن التبشير كان على التنزيه لا على التحريم وإلاّلما كان يخبر به أصلاً أو عرف انّ النهي مقيد بالاتكال فأخبر به من لا يخشى عليه ذلك فإذا زال القيد زال المقيد، و الاَوّل أوجه لكونه أخّر ذلك إلى وقت موته. [1]

وما برَّر به أنس فعل معاذ تبرير غير تام، لاَنّ نهي النبي يدور أمره بين كونه تحريمياً أو تنزيهياً، فعلى الاَوّل يكون الاِظهار موجباً للاِثم دون الكتمان، وعلى الثاني يكون الاِظهار والكتمان على حدّ سواء لكن الكتمان كان أولى من الاِظهار فلم يكن هناك أي إثم حتى يبرِّر عمله هذا بالتأثم و يفسر بالاِثم الحاصل من كتمان العلم.

هذا ما يرجع إلى كلام أنس، وأمّا ما ذكره العسقلاني من أنّ النهي كان تنزيهياً لا تحريميّاً لا يلائمه ظاهر الحديث حيث إنّ الاتكال على الايمان القلبي دون العمل أمر محظور، فلذلك يكون ما يستلزمه ـ أي الاظهار ـ منهياً عنه بالنهي التحريمي لا التنزيهي.

وأضعف من ذلك تبريره الثاني حيث قال: إنّ النهي كان مقيداً بالاتكال، فأخبر به من لا يخشى عليه ذلك.

وجه الضعف انّ معاذاً كان واقفاً على أنّ السامع سوف يبثّه بين المسلمين وفيه من يُخشى عليه من الاتكال، فلِمَ أخبره به و لم يأخذ منه عهداً أن لا يخبر به أحداً إلاّ مثله.

فرفضُ الحديث وتنزيه مقام معاذ أولى من قبوله و تبريره بهذه المبررات التي لا تُسمن ولا تغني من جوع.


[1] فتح الباري: 1|183، كتاب العلم.


«« الصفحة الأولی    « الصفحة السابقة    الجزء:    الصفحة التالیة »    الصفحة الأخیرة»»
 تحمیل PDF هویة الکتاب الفهرست

الصفحة الاولی | فهرس الرواة | طریق الراوی | طبقات الرواة | ضبط الراوی | قاموس المصطلحات | مساعدة | الاتصال بنا | من نحن | بحث متقدم