من نحن
الحديث النبوي بين الرواية والدراية - الصفحة ۵۸
 تحمیل PDF هویة الکتاب الفهرست
«« الصفحة الأولی    « الصفحة السابقة    الجزء:    الصفحة التالیة »    الصفحة الأخیرة»»
اسم الکتاب: الحديث النبوي بين الرواية والدراية    المؤلف: الشيخ جعفر السبحاني    الجزء: ۱    الصفحة: ۵۸   

وأشار إليها في آية أُخرى أيضاً قال سبحانه:(وَإِذا فَعَلُوا فاحِشَةً قالُوا وَجَدْنا عَلَيْها آباءنا وَاللّهُ أَمَرَنا بِها قُلْ إِنَّ اللّهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ أَتَقُولُونَ عَلى اللّهِما لا تَعْلَمُونَ) (الاَعراف|28). وليس مرادهم من قولهم :(وَاللّهُ أَمَرَنا بِها) سوى انّه سبحانه قدّر ذلك ولازمه الاَمر به فليس لنا المحيص عن السير وراء التقدير.

وقد كان عرب الجاهلية على تلك العقيدة وبقيت رواسبه إلى عهد الرسالة وبعده، روى عبد اللّه بن عمر انّه جاء رجل إلى أبي بكر، فقال: أرأيت الزنى بقدر؟ قال: نعم، قال: فإنّ اللّه قدّر عليّ ثمّ يعذبني، قال: نعم يابن اللخناء، أما واللّه لو كان عندي إنسان أمرته أن يجأ أنفك. [1]

لقد كان استغراب الرجل في محله إذا كان التقدير ملازماً لسلب الاختيار عن الاِنسان، لذلك قال: «فانّ اللّه قدر عليّثمّ يعذبني» و لما عجز الخليفة عن الاِجابة بمنطق الاستدلال توسل بمنطق القوة وانّه لو كان هنا رجل لاَمره أن يجأ أنفه.

لا شكّ انّ القضاء والقدر من تعاليم القرآن ومن العقائد الاِسلامية، لكن لا على وجه يسلب الاختيار عن الاِنسان ويجعله مكتوف الاَيدي على صعيد الحياة.

وما جاء في الرواية من الاجابة، إنّما يحتج به المشرك لا إمام المسلمين والذي تربى في احضان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) منذ نعومة أظفاره.

ثانياً: لو افترضنا انّ الاِمام وزوجه فاتت عنهما صلاة الليل لغلبة النعاس عليهما، فعندما يطرق النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بابهما تحنناً وتلطفاً، فمقتضى أدب أهل البيت (عليهم السلام) أن يواجها أباهما بالشكر والامتنان لا بمجادلة وكلمة لاذعة، ولا بإلقاء المسوَولية على عاتق مقدِّر الاَقدار .


[1] تاريخ الخلفاء للسيوطي:95.


«« الصفحة الأولی    « الصفحة السابقة    الجزء:    الصفحة التالیة »    الصفحة الأخیرة»»
 تحمیل PDF هویة الکتاب الفهرست

الصفحة الاولی | فهرس الرواة | طریق الراوی | طبقات الرواة | ضبط الراوی | قاموس المصطلحات | مساعدة | الاتصال بنا | من نحن | بحث متقدم