من نحن
الحديث النبوي بين الرواية والدراية - الصفحة ۵۱
 تحمیل PDF هویة الکتاب الفهرست
«« الصفحة الأولی    « الصفحة السابقة    الجزء:    الصفحة التالیة »    الصفحة الأخیرة»»
اسم الکتاب: الحديث النبوي بين الرواية والدراية    المؤلف: الشيخ جعفر السبحاني    الجزء: ۱    الصفحة: ۵۱   

والعجب انّهم مع ادّعاء الاِجماع على قداسة الصحابة، وانّهم فوق مستوى الجرح والتعديل، رووا عشرات الاَحاديث التي اختارها أصحاب الصحاح حول ارتداد الصحابة عن الدين والتمرّد على أُصوله ومبادئه على نحو لا يدع مجالاً للريب في أنّهم كانوا كسائر الناس فيهم الصالح والطالح، والمنافق والموَمن، إلى غير ذلك من الاَصناف التي يقف عليها المتتبع لآيات الذكر الحكيم والسنّة النبوية، وهذا أمر عجيب جداً.

وهذان الاَمران (الاقتصار على مناقشة الاَسانيد دون المضامين، وتحديدها إلى التابعين دون الصحابة) صارا سبباً لاِضفاء الصحّة على كثير من الاِسرائيليات التي تسرّبت إلى الصحاح عن طريق بعض الصحابة الذين كانوا عيالاً على مائدة كعب الاَحبار ومن كان على مشربه، بحجة انّكلّصحابي عادل، وانّهم لا يخضعون للجرح والتعديل، ولو انّهم سلكوا ذينك الطريقين مع ما بذلوا من الجهود في تصحيح الاَسانيد وتضعيفها والوقوف على ثقات الرجال وضعافهم، لاَصبحت السنّة النبوية بين المسلمين خالصة من كلّ شائبة ونقيّة عن كل شين.

ومن المغالاة في القول ما ذكره ابن الاَثير حيث قال: الصحابة يشاركون سائر الرواة في جميع ذلك إلاّ في الجرح والتعديل، فانّهم كلهم عدول لا يتطرق إليهم الجرح، لاَنّ اللّه عزّوجلّ ورسوله زكّياهم وعدّلاهم، وذلك مشهور لا يحتاج لذكره. [1]

أقول: إنّه سبحانه مدح لفيفاً من الصحابة في قسم من آياته وفي الوقت نفسه تحامل على قسم منهم، فقال سبحانه:(إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا)(الحجرات|6) وليس الفاسق إلاّ أحد الصحابة، وهو الوليد بن عقبة أو صحابي آخر مثله، وقال سبحانه:(وَإِذا رَأَوا تِجارَةً أَوْلَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْها وَتَرَكُوكَ قائِماً) (الجمعة|11).


[1] أُسد الغابة:1|3.


«« الصفحة الأولی    « الصفحة السابقة    الجزء:    الصفحة التالیة »    الصفحة الأخیرة»»
 تحمیل PDF هویة الکتاب الفهرست

الصفحة الاولی | فهرس الرواة | طریق الراوی | طبقات الرواة | ضبط الراوی | قاموس المصطلحات | مساعدة | الاتصال بنا | من نحن | بحث متقدم